الخميس، 28 نوفمبر 2013

خبراء: الطموح الإثيوبي وراء «فقر» مصر المائي ويجب إيجاد بدائل سريعة لحل الأزمة

سادت حالة من الذعر بين المواطنين في مصر، بعد الإعلان عن استخدام مياه الصرف الزراعي عوضا عن النقص في كمية المياه التي تصل إلى مصر سنويا بشكل عام، ودخول البلاد إلى مرحلة الفقر المائي.


وكان المتسبب في تلك الحالة هي التصريحات التي أدلى بها الدكتور “محمد عبد المطلب” وزير الموارد المائية والري، والتي قال خلالها إن ما يصل إلى مصر 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا، في الوقت الذي تصل فيها احتياجات البلاد 80 مليار ويتم تعويض هذا الفارق باستخدام مياه الصرف الزراعي، وأن مصر وصلت إلى مرحلة الفقر المائي، حيث إن نصيب الفرد الواحد من المياه في السنة 650 متر مكعب، بينما يصل المتوسط العالمي إلى 1000 مترا مكعبا.


وكشف عبد المطلب أن المفاوضات التي تجرى مع الجانبين الإثيوبي والسوداني لتحقيق التنمية في الحوض، وتقديمه مبادرة مصرية لجعل سد النهضة هدفا للتنمية والتعاون المشترك بين دول الحوض، وأن مصر لن تفرط في متر مكعب واحد من حصتها في مياه النيل.


يرى الدكتور “أحمد فوزي” خبير المياه الدولي ومدير برنامج إدارة المياه السابق في الأمم المتحدة والأستاذ بمركز بحوث الصحراء، أن مصر لم تصل لمرحلة الجفاف المائي، ولكن الأحداث السياسية أثرت على العلاقات مع دول حوض النيل، كما كان لعدم استقرار الوضع الأمني في مصر نصيبا من استمرار الأزمة، وهو ما أدى إلى نقص ملحوظ في نصيب الفرد من المياه.


وأوضح أن معظم المياه القادمة إلى مصر من الهضبة الإثيوبية ولابد من الحفاظ على هذه الكمية، كما أن الطموح الإثيوبي المتوارث يسعى إلى التضييق على مصر والانتقاص من الكمية المياه الواردة إلينا، وهذا يستلزم تضافر الجهود السياسية واعتبارها قضية أمن قومي، حتى نقضي على سياسة الأمر الواقع التي تفرضها علينا، ونفيق سريعا من أجل إجهاض الطموح الإثيوبي الذي يمنع ورود المياه إلينا ويؤثر على حصتنا من الكهرباء.


وأضاف أن عدم التزام المزارعين بالدورة الزراعية وزيادة الطلب على المياه الآن من أهم أسباب نقص مياه الري بجانب الاعتداءات المستمرة على جوانب الترع والمصارف، ويهدر كميات كبيرة من المياه، كما أنه يمكن إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي لحل مشكلات نقص المياه، بشرط استخدامها في ري بعض المحاصيل التي تتحمل درجات الملوحة العالية باعتبارها بديلا طبيعيا لمياه الري في المستقبل.


وأشار إلى أن معالجة المياه الملوثة واستخدامها في الزراعة، وتحلية مياه البحر كفيلة بزراعة مليار ونصف فدان، وإمداد التجمعات الساحلية بها، ولو توفرت الاستثمارات الكافية من الممكن الزراعة في شبه جزيرة سيناء، فأغلب مشاكلها تكمن في قلة التنمية، وهو ما ينعكس بدوره على الأمن القومي المصري، وهذا يتطلب مبالغ تتجاوز 80 مليار جنيها، كما أنه من الضروري الحصول على المياه المتواجدة في البرك والمستنقعات في السودان وإثيوبيا واستثمار قناة “زينجري” في الهضبة الإفريقية.


فيما ينصح الدكتور “أحمد شحاتة” المتخصص في العلاقات المصرية الإفريقية وأستاذ معهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، بأن تتوحد الدولة من أجل تحسين الموقف المائي عن طريق استغلال العلاقات الجيدة للدول العربية مع دول حوض النيل في مناقشة الموضوعات الخاصة بمصر حول مياه النيل، وأن مشكلاتنا المائية يمكن أن تحل بانتشار مصر خارج حدودها، نظرا لوجود قوى أخرى حلت محل مصر في فترة ترك مصر العلاقات الإفريقية، ويصعب إزاحتها مثل تركيا وإيران وإسرائيل والصين.


وأضاف أن الخطر الأكبر يتمثل في موقع السد الذي كان في التصميم الأول على بعد 40 كيلو مترا من الحدود السودانية ولكن تم تعديله ليكون 15 كيلو مترا فقط وبالتالي ابتعاد أي مخاطر محتملة عن الأراضي الإثيوبية ويزداد الخطر علي الأراضي السودانية في حالة حدوث أي مشاكل إنشائية في جسم السد، وبالتالي فإن التفاوض ربما لا يجدي، لأن إقامة السد له هدف سياسي في المقام الأول وهو الضغط على مصر، لكي تصبح إثيوبيا قوة جديدة في دول حوض النيل.


ومن جانبه أوضح الدكتور “حلمي شعراوي” المدير السابق لمعهد البحوث العربية والإفريقية، أن الخطورة الحقيقية لسد النهضة هي حجز الماء خلفه “5″ سنوات لتوليد الكهرباء، مما يؤثر على حصة مصر من الماء وينعكس سلبًا على توليد الكهرباء من السد العالي، بينما يمكن تقليل المخاطر في حال اتفاق الحكومة المصرية على آليات تشغيل السد ومراحل حجز الماء لتوليد الطاقة، وتحويله إلى مشروع تنمية مشترك، وأن وجود مصر كطرف في بناء سد النهضة أمرا مطلوبا.


وأشار إلى إنه من الطبيعي أن يكون لمصر سياسة إطارية تحدد وتنظم علاقتها بدول حوض النيل والقارة الإفريقية بشكل عام، نظرا للأهمية الإستراتيجية التي تتمتع بها تلك القارة، والتقارب في التنمية بين مصر ودول حوض النيل، خاصة وأن المال العربي أصبح مشاركا في خطط التنمية كطرف تنفيذي، بالتالي فإن الأهمية تتعدى حدود المصالح المائية المشتركة.


وأضاف بأن ضعف الدبلوماسية المصرية مع دول حوض النيل، أدى إلى حالة من عدم الاستقرار، بل والعداء مع دول المنبع ومنها إثيوبيا، خاصة بعدما تردد في الآونة الأخيرة بشأن سد النهضة وغيره، وبالتالي فلابد أن يبحث المسئولون المصريون سبل الخروج من الأزمة، ويلملموا مواقفهم وسياساتهم الخاطئة، خاصة وأن إثيوبيا ترتبط برأس مال عربي منافس يتمثل في الدعم القطري، وهو سبب تضييق الخناق على مصر، بالإضافة إلى أن هذه الدول تعمل استثمارات كثيرة، والتمويل الكبير للتنمية المشتركة ليس متوفرا في مصر.


The post خبراء: الطموح الإثيوبي وراء «فقر» مصر المائي ويجب إيجاد بدائل سريعة لحل الأزمة appeared first on البديل.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق