الاثنين، 2 ديسمبر 2013

إحباط ما بعد الثورة و أوهام الهجرة لأوربا في الفيلم التونسي «العالم»

عن حيرة وإحباط الشباب في تونس بعد ثورتها التي كانت الملهم لباقي ثورات الربيع العربي ، قدم المخرج الهولندي من أصل تونسي الكس بيتسترا، فيلمه الروائي الأول” العالم “،الذي يعرض ضمن فعاليات بانوراما الفيلم الأوربي المقامة حاليا من 27 نوفمبر إلي 7 ديسمبر ، الفيلم بطولة عبد الحميد نواره، إيلس هاوس، محسن بن حسن،رحمة بن حسن،إنتاج 2013، عرض في عدد من المهرجانات، و حصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان بركشير السينمائي الدولي 2013.


تدور أحداثه في تونس بعد ثورة الياسمين ، حول “عبد الله ” شاب في بداية العشرينات يخسر عمله الذي يحبه و يجيده في محل لتأجير أشرطة الدي في دي ، مما يضطره إلي العمل في العديد من المهن البسيطة ، و يعرض الفيلم لعشرات الشباب العاطلين عن العمل باعتبارها المشكلة الأهم التي يعاني منها الشباب التونسي في خضم التحولات بعد الثورة .


عبد الله كغيره من الشباب يري ان شيئا لم يتغير علي الإطلاق بعد الثورة ، وحين تقترح أخته إنشاء حساب علي الفيس بوك لمساعدته في حل مشكلة البطالة و تقول إن تونس كلها علي الفيس بوك، يرد عليها بأنها لا تعرف شيئا عن تونس ، فالشاب الذي يرتاد الأسواق يوميا في عمله يدرك صعوبة الوضع الاقتصادي و التفاوت الطبقي في المجتمع التونسي الذي حرص المخرج علي الإشارة له دون خطابة بلغة سينمائية بسيطة ،في المقابل لا يمثل النت و الفيس بوك عند الشاب سوي البحث عن فتاة هولندية كان قابلها في تونس ، و يحلم بأن تكون بوابة الخروج له من تونس ليتزوجها و يذهب إلي أوربا .


يعرض الفيلم لهروب الشباب إلي المخدرات و الانسحاب من المجتمع ،حتى يقرر عبد الله أن يغامر بالهجرة غير الشرعية في البحر متجها إلي ايطاليا هائما في حلم واحد نري طوال الفيلم أجزاء منه تتداخل مع المشاهد الواقعية بأنه يعمل و تزوج الفتاة الهولندية الجميلة التي قابلها في تونس، و يعيش في بيت جميل مفتوح علي براري خضراء كأنه أفق مفتوح للحياة و المستقبل و الأحلام .


يخوض الشاب التجربة الخطرة للهجرة بمصاحبة عدد من الجيران و الشباب من أمثاله ، و فيما يظن الشباب أنهم امسكوا بحلمهم أخيرا حين تقوم المركب بإنزالهم قرب شاطئ يفترض أن يكون في ايطاليا، يفاجئون بأنهم تعرضوا للخداع و أنهم علي ارض تونسية علي خلفية صوت الآذان ثم أخبار اليوم التالي للانتخابات ، كأنه رسالة للشباب بان الحل الحقيقي مازال داخل بلادهم .


يحمل الفيلم اسم ” العالم ” في إشارة إلي الضفة الاخري من البحر المتوسط وفق تعبير الوالد الذي يحكي عن تجربته التي تمثل فشل كثير من تجارب الشباب في الهجرة الي اوربا .


في الفيلم الكثير من تجربة المخرج الشخصية وعائلته ،حيث ولد في هولندا من أب تونسي و أم هولندية، و قال انه تخلي عن اسمه العربي كريم الكسندر بن حسن ، منذ سنوات الدراسة الأولي، كما تخلي رسميا عن اسم عائلة والده في سن الثالثة عشر لأنه يراه غير جدير بأن يحمل اسمه لأنه تخلي عنه ،و أساء معاملة والدته و استبدله باسم عائلة والدته ، و المفارقة الغريبة إن المخرج في فيلمه الأول اتجه جنوبا إلي تونس و عائلة والده ، حيث قرر عام 2005 أن يزور تونس ، لاستكشاف هذا الجزء المجهول من تاريخه و قابل والده لأول مرة بعد أكثر من عشرين عاما ، و قال انه كان يعاني حالة من الإنكار لوالده و يحمل في ذهنه صورة غريبة له و لبلده العربي ،فيراه غالبا في صورة إرهابي ، و كانت مفاجأة له أن يجد شخصا لطيفا يعيش مع عائلة جميلة من أخوة و أخوات له من الأب ، و بدأ تكوين علاقة من الثقة و الود معهم و مع عائلة والده الأكبر، و شاركوا في التمثيل بالفيلم الذي يضم والده وعدد من أبناء عمومته و جيرانهم ، و شارك ابن عمه عبد الله رزقي في كتابة السيناريو .


و قال انه مثل كل الأوربيين كان يري أن أمام التوانسة مستقبل جديد بعد التخلص من الديكتاتور، و عاش الحماس الساذج في الغرب للثورة ،و أراد في الفيلم أن يقدم نموذجا من الشباب العربي من الطبقة الفقيرة ، يتمتع بقدر كبير من الذكاء و الوعي و لا يجد فرصته للنجاح ،و قال انه فكر في حال أخيه في تونس فلا فارق بينهما سوي أن المخرج ولد في أوربا ،و رغم هذا يري إن تغيير مستقبله لن يحدث بالفكرة الساذجة عن الهجرة بهذه الطريقة المحفوفة بالمخاطر و إنما بالتغيير داخل بلده لهذا اختار أن تنتهي الرحلة البحرية للهجرة بعودته إلي تونس .


The post إحباط ما بعد الثورة و أوهام الهجرة لأوربا في الفيلم التونسي «العالم» appeared first on البديل.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق